اقتربت منهم وسآلت احدهم سآلته عن الطريق فقال بعد عشرة كيلو ينحرف بك الطريق الى طريق ترابي يمتد لمسافة 50 كيلو وبعدها تسلك طريق الازفلت قلت له انا لا اشاهد سيارات او احد من سالكي الطريق قال من بعد المغرب لا احد يسلك هذا الطريق وغادرني حيث لا ادري . سرت على الطريق وبعد مسافة عشره كيلو انقطع بي الازفلت ووصلت للتحويله المسماه في العرف (المهمل) بمعنى هو طريق لا يتبع اي اتجاه اذهب باي اتجاه حتى تصل او لا تصل
ترددت كثيراً في القدوم على هذه المغامره اكثر من مره لاسباب عده وقود السياره اقل من النصف وحتى لو عدت ادراجي فلن اكمل الطريق وسوف اتوقف وان سلكت الطريق الترابي فهناك امل بوجود محطة وقود. جمعت قواي وهمتي واقدمت عليها مرغماً لكني اعشق التحدي سلكت الطريق وانا اتمتم بكلمات ما ادري ماهي لكنها ربما تكون ايات من القران مع رعشه في البدن وبرودة في الاطراف والانشغال بالظلمه اكثر من الطريق حاولت ان اشجع نفسي واحمسها واقول ماذا سوف يحصل لي... لاشي.. وان حصل فلست اول ولا اخر من يفشل في مغامرته سلكت الطريق. ذلك الطريق غير المعبد الذي لاتسلكه حتى الجمال حجارة متناثر على اشكال حاده صلبه . وبعدها تجد ارض غير صلبه اشبه (بالطعوس) تغوص فيها السياره .سرت على اطراف الطريق مستعيناً بحواف الجبل على اطراف هذا الوادي وانا اسير في ظلمة سوداء تخترقها انوار سيارتي التى لا اعلم مامدى صبرها وتحملها تلك المغامره سرعتي لا تتجاوز 40 كيلو في الساعه وبعد مايقرب من نص ساعه تجاوزت نصف الطريق الترابي وبعد لحظات !! شممت رائحة احتراق او شي من ذلك نظرت الى مؤشرات السياره فاذا بمؤشرالحراره وصل لاقصى حد . فاسرعت الى اطفاء المحرك حتى لاينفجر اطفآت الانوار فاذا بي في ظلمه لايمكن ان اصفها او اتخيلها.. المكان.. البعد.. الزمن.. يتوقف التفكير. العقل .الحركه كل ما اشعر به هو ان عيناي تتحرك في جمجمتي اترقب ماذا سيحل بي نسيت الجوال اين جوالي جوالي التقطته فاذا به (لايوجد شبكه) فتحت انوار السياره لمحاولة الخروج ومعرفه ماحدث لكني لم استطع الخروج من السياره للانهيار التام في جسدي قرات ايات من القران استعنت بالله شعرت بشي من الحياه تعود لي تحاملت على نفسي وخرجت من السياره لاستطلع الامر فاذا احد خراطيش الماء يتدلى تحت السياره وقد فرغ من الماء عدت للسياره للبحث عن الماء فوجدت علبة ماء صغيره لاتكفي لأطفا ضمئي تركت انوار السيارة مضاءه انتظرت انتظرت لعلل هناك احد من سالكي الطريق يمر او يراني لكن لاااااااا آحد وبعد ساعه تخفت اضاءت السياره شيئاً فشيئاً ومالبثت حتى انطفآت. مولد الكهرباء يفرغ من شحنته .. عادت الظلمه وعدت الى داخل سيارتي اترقب وبدآت في مرحلة لايمكن لأي عقل ان يستوعبها او يدركها . كل ماحل بي في هذه اللحظات ليس خوفاً من ما سيحدث من مفاجآت لكن خوفي انقطاعي عن العالم في مكان لايوجد فيه الا انا لايوجد فيه اي كائن يتحرك (انه الموت اذا) توقفت مع نفسي قليلاً لااشعرها بان الله خلقنا لنعيش فترة من الزمن ومن ثم نعود اليه وهذا اول قرار اتخذه هو مايقدر الله سبحانه سوف يحدث لامفر منه وبعد 3 ساعات خرجت من السياره وابتعدت عنها بشكل ربما يكونَََ!!!! لا ارادي السكون يعم المكان في ظلمة لايمكن تصورها لو مددت يدي لم اكد اراها ابتعدت وابتعدت , وانا لا ادري الى اين اسير وفي اي اتجاه .. حاولت العوده الى سيارتي لكن حالت الظلمة بيني وبينها جلست على الارض في يدي علبة الماء فارغه قبضت عليها بيدي لعلي اوهم نفسي بانها ملآآآآه وحتى لااشعر بالظماء وانا ساكن كسكون المكان وسكون الظلمه وليست سوى دقائق واذا بي اشعر وكآني اسمع صوت اقدام تمشي تقترب وكلما يقترب يزيد في ضجيج المكان الساكن وكلما اقترب ازداد قلقي فهذه ليست صوت مشي الجمال ولا حتى الفيله انها كارثه لامفر منها .. توقف الصوت عاد السكون الى المكان ومالبث الا ويعود من جديد حاولت الابتعاد عن الطريق حتى لايحسوا بوجودي وكل ما ابتعدت زاد اقتراب الصوت مني كنت اتجه نحوه وانا لا ادري وقفت وقوف الميت على قيد الحياه ارتعد لا استطيع الهرب اقترب مني حتى وصل امامي .. بالطبع لا اراه لكنه يراني بوضوح .. قلت في صوت متحشرج من انت ؟ لم يرد لكني اسمع انفاسه وكآنه وحش امام فريسته سينقض عليها في اي لحظه .. قلت بصوووووت عااالي .. سمعت صداه تردده سفوح الجبال من حولي ... من انت اخبرنننننني ؟ لم يرد. اقترب مني فاذا بي اشم رائحته التي تشبه الارض الممطوره برائحة العشب والخضره وازهار الربيع ,,, انه كائن خالقه الله تعالي لكن من هو لا ادري وكيف يكون لا ادري وماذا يريد لا ادري ... وانا التقط انفاسي التي تكاد تخرج من صدري قذف اللي علبه اصتدمت بساقي كادت تكسره اخذتها فاذا هي باااارده جداً .. واذا بالصوت يقول انه ماء. اشرب .. والصوت صوت امرآه ..نعم صوت امرآه. َ!!! و صوت جميل جداً
رقيق وناعم .. اشرب يبدو انك متعب جداً اشرب ... اخذت العلبه ورفعتها لاشرب قالت .. سم باسم الله ... يااااا الله كآنها توقضني من سبات عميييييق اين انا من الله في هذه الفترة كلها لم اذكر الله ولم اسبح ولم استغفر ولم ادعوا الله في هذا المكان المهلك ان ينجيني .. كآني اشعر بالبؤس حقاً لما انا فيه لكن عندما ذكرتني بالله اطمئن قلبي وشربت ماءٍ عذباً زلالً ليس من ماء الدنيا على ما اعتقد .. لكنه ماء شربته فسرت برودته في عروقي حتى ارتويت فسقطت على ركبتي وجثوت مطآطاً راسي للارض احسب انفاسي واعدها لامر احسسته وصل اقصى دواخلي جمعت انفاسي لعلي اقول شيئاً يرحني ويطمئن له قلبي .. فسآلتها .. من انتي ؟ قالت انا خلق من خلق الله .. انتفضت انتفاضه طفل ماتت امه وهو في حضنها ... شعرت بدوامه اغشى منها واعود افقد وعي تارة واستيقض تارة اخرى ... عرفت انها ليست بشراً مثلنا .. قلت هل انتي مسلمه قالت لو لم اكن مسلمه لما ذكرتك بالله يامسلم .. انت فلان ابن فلان وتقصد (تباله) التي يسميها ملوكنا مملكة العصور الوسطى بها كنا ومنها ارتحلنا نحن وقبيلتنا بعد ان كثر البشر فيها واصبحنا لا نطيقهم فرحلنا ولازلنا نرحل من مكان الى اخر والمكان الذي انت فيه وادي لنا ومرور الراحلين من هنااا وكانت تسلكه البشر على الجمال من مئات السنين من الحجاز الى نجد وعندما غاب البشر عدنا نحن على طريقهم .. وانا ابنة ملكاً اقود ورائي قوافل قبيلتي وسبقتهم الى هنا عندما اخبرني احدهم بان هناك امرا ما على طريق القافله .. وانا انصت لها واستمع وقد انعقد لساني عن الحديث ولا استطيع فعل شي .. حتى اقتربت مني وقالت يا فلان انا اريد ان اذهب واعود ادراجي لقافلتي التي توقفت بسبب وجودك في هذا المكان ونريد ان نسلك الطريق والدواب لو رآتك لما سارت في هذا الاتجاه . قلت وماذا افعل . قالت خلفك جبل اصعد الى اعلى الجبل واترك الوادي .. استدرت خلفي وهممت بصعود الجبل لكن لا استطيع المشي احسست بانه لايوجد لي اطراف تحاملت على نفسي وحاولت المشي .. واذا بتلك اليد الناعمه الرقيقه تمتد وتمسك بي وتساعدني على صعود الجبل اقتربت مني وعطر انفاسها لايشبهه شي .رائحة مخضبة بالحياء والعشب والزهر انها لاتشبه الا نفسها ربما تكون حورية من الجن لا اعلم لكنها شي لايمكن وصفه وصلت الى قمت الجبل .. قالت لا تتحرك ولاتصدر صوتاً كن ساكناً حتى نستطيع ان نعبر.. .. اومئت لها براسي . عادت ادراجها .. وبعد لحظات سمعت صوتها يجلجل في الوادي تنشد (الحداء) حداء الابل قديماً وتنادي على قبيلتها وبعد عشر دقائق فاذا بالوادي يضج بسير الماشيه وصياح من معها من جنسها ونباح كلابهم وصوت مواعينهم عندما تهتز على ظهور الجمال فيضرب بعضها بعضاً فتصدر صوتاً وهناك من يجر خلفه(زريب) اغصان الشجر اليابس ربما لاشعال النار او تحريك الدواب او ماشابه وبعد نصف ساعه تقريباً سكن المكان وعاد الهدوء. الان الساعه تقترب من الواحده بعد منتصف الليل ولا يزال الليل طوييييييييل ولا تزال الظلمه بكآبتها وحزنها وهمها فتذكرت الله وتذكرت الاستغفار فمسكت هذا ومالبثت الا ونمت في اعلى الجبل. حتى الصباح وبعد ان اشرقت الارض بنور ربها نزلت من الجبل وعدت الى سيارتي .. واذا بالناس يسلكون الطريق وعادت الحياة اليه وقد اتى من قدم لي المساعده في اصلاح السياره فاكملت طريقي
حتى وصلت الى الطريق المعبد بالاسفلت
وماهي الا دقايق واذا بخزانات الوقود البدائيه على يسار الطريق لكنها تبدو لي من ارقى محطات الدنيا واثناء تزودي بالوقود اذ بعامل المحطه يقول تفضل تقهو في الخيمه ذهبت الى الخيمه واذا بالقهوه والتمر والماء وكآني اشعر باني على مائده احد ملوك الدنيا من الجوع والعطش والارهاق والتعب وبعدها ركبت سيارتي وواصلت سفري ..
الكاتب :
فايز الشمراني